هنــاك اتفــاق بــن اليهــود والمســيحيين والمسلمين بــأن التــوراة في صورتهــا الحاليــة قــد ابتعـدت عـن الصـورة التـي كانـت عليهـا زمـن النبـي مـوسي، حيـث وردت أولي الإشـارات
التـي توضـح بـأن التـوراة قـد ابتعـدت عـن مسـارها الصحيـح في سـفر النبـي إرميـا حيـث اتهـم الكتبـة بالكـذب وتحريـف النـص.
ً وحيـث إن التحريـف حـدث مبكـرا، فقـد شـغل ذلـك علـماء الديـن والفلاسـفة والمؤرخيـن والأدبـاء والباحثيـن عـلى مـر العصـور لمعرفـة أنـواع التحريـف واكتشـافها، وذلـك في محاولـة منهم للوصول إلى ما يمكن عده نصاََ اصليا
ًّيتبــع هــذا الكتــاب المنهــج التاريخــي الوصفـي في رصـد تاريـخ نشـأة بحـث التـوراة وتطـوره لـدى العلمـاء المسلمين بـدءا من
مرحلـة الجـدل وصـولا إلى البحـث العلمـي الاكاديمي المعاصر.
اختــار المؤلــف أربعــة مــن كتــب التفاسيــر لدراســة كيفيــة فهــم المفسرين المسلمين لمصطلحـات قرآنيـة وردت عنـد ذكـره للتـوراة مثـل التحريـف والتبديـل وللألسـاليب التـي اتبعـت في هـذا وهـي أيضًـا ذكرهـا القـرآن مثـل النسـيان والوضـع والكـذب وَلي الألسنة.
ينتقـل بعدهـا للنقـد العلمـي الـذي وجهـه أصوليـون مسـلمون للتـوراة، ويـدرس نموذجـين علـى هـذا، هـما ابـن حـزم ورحمـت اللـه الهنـدي، مـن حيـث البيئـة الثقافيـة التـي عـاش
فيهــا كل منهـمـا ودوافعهـمـا للجــدل العلمــي والمناظــرة، ثــم يعــرض لقضيــة هامــة وهــي مصادرهـا في النقـد، ومـدى اقـتراب نظريـة النقـد النـصي الغربيـة الحديثـة منهمـا.
في النهايــة يعــرض المؤلــف لجهــود المدرســة الأكاديميـة المصرية الحديثــة في الأبحــاث المتعلقـة بالعهـد القديـم مـن حيـث تأسـيس أقسـام خصيصـة لهـا في الجامعـات المصرية، ويســتعرض جهــود وإنجــازات الباحثـيـن في هــذه المدرســة.